إستكمالاً لما تم ذكره سابقاً فيما يتعلق بأهمية إيجاد برامج تأهيلية، فإنه من المهم كذلك لـ نجاح هذه الخطوة تطوير وتحسين بيئة و ظروف العمل في القطاع الخاص.
للأسف الشديد فإن جزء كبير من شركات القطاع الخاص لا تولي تطوير بيئة العمل الأهمية المطلوبة، وذلك ناجم بشكل مباشر عن غياب الثقافة العمالية وبشكل غير مباشر عن العمالة الوافدة الموجودة في سوق العمل.
فالعمالة الوافدة تعتبر بالنسبة للقطاع الخاص (1) عمالة رخيصة، (2) تعمل ساعات عمل طويلة و (3) تنحصر رغباتها الأساسية في المقابل المادي “الأجر”. وبالتالي، فإن أي مقارنة يتم القيام بها بين العامل الوطني و العامل الأجنبي عن طريق الشركات ستجعل الكفة ترجع للعمالة الأجنبية لاسيما إن كنا نتحدث عن الوظائف الإبتدائية و المتوسطة في الهرم الوظيفي بإعتبار العامل الوطني يمثل تكلفة وأعباء إضافية وفي النهاية سيكون مستوى الإنتاجية أقل من العامل الأجنبي وهنا تكمن المشكلة.
وسبب ذلك، أن الممارسات و الأعراف الخاطئة وضعت مقياساً غير عادلاً للمقارنة بين العامل الأجنبي و العامل الوطني، في الوقت الذي يكون المقياس ذاته غير عادل للعامل الأجنبي ذاته، حيث أن العامل الأجنبي مقيد بكثير من القيود النظامية و العرفية التي تجعله يقبل بظروف بيئة العمل التي اضطر إلى أن يكون فيها مثل تقييد حركة التنقل بين الشركات بسبب الكفالة، الرواتب المتدنية التي تم قبولها بسبب ظروف الحاجة “وهنا أعود مجدداً للتذكير بأنني أتحدث عن الوظائف الإبتدائية والمتوسطة“، قلة أو إنعدام المنافع الغير مادية، زيادة ساعات العمل و تحمل الظروف الصعبة باختلافها. و التي هي وغيرها تجعل المقارنة غير عادلة لأن العامل الأجنبي قبل بها بسبب الحاجة و/أو قلة الخبرة و التأهيل، والتي في النهاية ستنعكس سلباً على صاحب العمل فيما يتعلق بالإنتاجية و الولاء الوظيفي للعامل.
وتأكيداً لما تم ذكره أعلاه، فإن بداية تطبيق برنامج نطاقات ومن ثم التحديثات التي شهدها البرنامج بالإضافة إلى الحملة التصحيحة و الحملات التفتيشية بعد ذلك أثبتت بما لا يدع للشك وجود تصدعات هائلة في بيئة عمل القطاع الخاص من ناحية إنعدام المؤهلات المطلوبة و عدم مطابقة الوظائف الفعلية للمسميات الوظيفية في رخص العمل/رخص الإقامة ناهيكم عن التشغيل الغير نظامي للعمالة والتي تعتبر خطوة تُشكر عليها وزارة العمل كخطوات مبدئية لتحسين سوق العمل وإن كانت غير كافية لتصحيح أوضاع السوق.
الأمر الآخر، أثبتت دراسات عدة بأن هناك العديد من المنافع التي يرى الباحثين عن عمل أهميتها فيما يرى أصحاب العمل أنها لا تمثل أهمية كبرى مثل:
- تأدية أعمال ذات قيمة على مستوى المنشأة و/أو على المستوى الشخصي.
- إبداء التقدير والثقة.
- وجود مسار وظيفي واضح للوظيفة نفسها أو في وظائف أخرى، وكذا التدريب والتطوير.
- وجود مرافق ملائمة في مكان العمل باختلاف أنواعها.
- برامج التقدير الغير نقدية.
و غيرها من الأمور التي تجعل المواطن يشعر – بالغربة – في القطاع الخاص، لأنه يعتقد أنه مهمش، بحجم إعتقاد صاحب العمل بأنه منخفض الإنتاجية، وتغيير هذين الإعتقادين كبداية سيصنع فارقاً ملموساً، وهو في النهاية ليس بالأمر المستحيل : ) ..
* الخلاصة (المقترحات) :
( قواعد تنظيمية من قبل الجهات الحكومية)
– رفع و تطوير الحدود الدنيا لظروف العمل للعمالة الوافدة للوصول إلى مقاييس عادلة.
– مراجعة شروط إستقدام العمالة و تجديد رخص العمل/رخص الإقامة لضمان وجود عمالة مؤهلة في الوظائف التي تتطلب ذلك (مؤهل أكاديمي، خبرة سابقة، الخ …)
(مسؤولية القطاع الخاص)
– تحسين وتطوير بيئة العمل و النظر إلى الجانب الإنساني للعامل في المنشأة لرفع الإنتاجية، مستوى الإشراك في العمل و الولاء الوظيفي لمنسوبيها.
– دراسة متطلبات الأفراد وإحتياجاتهم والتواصل معهم لتطبيق ما يمكن أن يعود في نهاية المطاف على ربحية المنشأة.